23.9.13

«قاموس الثورة».. توثيق «شعبي» لمفردات الثورة المصرية

تلخص عبارة "التاريخ يكتبه المنتصرون"، التي تنسب إلي رئيس الوزراء البريطاني "ونستون تشرشل" (1874- 1965)، التلاعب في عملية كتابة التاريخ من وجهة نظر المنتصرين ومن يخلفهم في الحكم من بعدهم، بما يضمن لهم أن تكون كتب التاريخ مجرد قصص تحكي إنتصاراتهم وإنجازاتهم بمعزل عن باقي الشعب، سواء ذلك الذي هزم أو لا يشارك في الحكم. وفي مواجهة ذلك التاريخ ظهر مؤرخون يحاولون كتابة تاريخ آخر غير رسمي، تاريخ المهزومين والمواطنين العاديين، بحيث يمكننا أن نتعرف علي جانب آخر من التاريخ وسياقه الشعبي.

إلي جوار هؤلاء المؤرخين يعمل آخرون، كتاب وإعلاميون وفنانون، علي توثيق الحاضر في جانبه الشعبي ليعطوا مؤرخي المستقبل السياق الشعبي لكل ما سوف تذكره كتب تاريخ المنتصرون بعد إنتهاء الأحداث الحالية. ضمن هؤلاء تاتي الكاتبة والفنانة المعاصرة "أميرة حنفي" التي تعمل حاليا علي قاموس شعبي للثورة المصرية، بحيث يتضمن تعريف المواطنين العاديين للكثير من المصطلحات التي أصبحت تسخدم بشكل يومي في وسائل الإعلام والبيانات الرسمية والأحاديث الجانبية علي المقاهي وفي الشوارع مثل "فلول"، "قلة مندسة"، "الطرف الثالث"، و"الثورة المضادة" و"كنتاكي" و"جاسوس".


تستخدم "حنفي" في عملها علي القاموس ما تطلق عليه "كروت مفردات الثورة"، وباستخدام تلك الكروت سوف تسأل المواطنون المصريون عن حكاياتهم وطرائفهم  الشخصية المتعلقة بسلسلة المصطلحات التي ترغب في تضمينها في القاموس، ومن خلال إجاباتهم سوف يشاركها المواطنون تعريفاتهم الخاصة لتلك المصطلحات المستمدة من ثورة 25 يناير وأصولها في حياتهم المعاصرة. وتقول "حنفي" أنها سوف تستخدم في عملها مسجلا رقميا لتوثيق أحاديثها مع الأشخاص الذين سوف تقابلهم، وأنها لن تغير في كلماتهم وإنما سوف تستخدمها لتشكل قصة متعددة الطبقات والأطر للثورة من خلال أفضلية حصولها علي وجهات نظر وأراء متعددة ومختلفة. وسوف يظهر القاموس في شكله النهائي مطبوعا بالعامية المصرية وترجمة إنجليزية للوصول بالقاموس إلي الجمهور غير المصري أيضا.

كتابة القواميس معروفة بصعوبتها لما تستلزمه من ترتيب أبجدي للكلمات ومشتقاتها وقابليتها للقراءة من قبل الجمهور، الذي يفتقد إلي المعرفة الكافية بأداوت تصريف الكلمات والبحث في القواميس. يحاول "قاموس الثورة" الذي تعده "حنفي" تجاوز صعوبة قراءة القواميس من خلال إعتماده علي وضع الكلمات بالترتيب الأبجدي بدون الحاجة لتصريفها، ليتبقى أمامها صعوبة العمل في كتابة القواميس مقابل سهولة كتابة حكايات المواطنون في شكل سردي. تقول "حنفي" أنها اختارت العمل علي مشروعها ليخرج إلي النور في شكل قاموس لسببين. الأول: أن إعطاء أحدا المواطنين "كارت" مكتوب عليه كلمة وسؤاله عن تعريفه لهذه الكلمة وحكايته معها تسهل علي هذا المواطن الحديث وتجعله أكثر تحديدا فيما سوف يحكيه، وهو ما يخدم الشكل النهائي للمشروع بحيث لا يتحول إلي مجرد سرد لمجموعة من الحكايات لا رابط بينها سوى كلمة "ثورة". السبب الثاني يتلخص في رؤيتها بأن وجود إطار عمل مقيد للفنان نفسه يعد أحد دافع الإبتكار لما يشكله من تحدى لإبداع هذا الفنان.

المواطنون الذين سوف تقابلهم "حنفي"، بحسب خطتها، سوف يتميزون بالتنوع من حيث النطاق الجغرافي، من خلال تنقلها بين مجموعة من المحافظات المختلفة، والسن والنوع والانتماءات السياسية والفكرية ومن غير المنتمين لأي تيار. تقول "حنفي": أنا غير مهتمة بكتابة سرد واحد غير معقد لحكاية الثورة، يمكنك القول بأني غير مهتمة بـ"الحقيقة" في حد ذاتها كتعريف، لكني مهتمة بالحقيقة "التي يؤمن بها الناس". إن التعداد السكاني لمصر يتجاوز 85 مليون نسمة، وهذا يعني أن هناك 85 مليون وجهة نظر متفردة للحقيقة. وتضيف "حنفي": أنه في لحظة فريدة من نوعها بدا أن الغالبية العظمي من المصريين متفقين علي ما تحتاجه البلد، لكن ما يحدث الآن في مصر هو شكل من أشكال الصراع والمواجهة بين العديد من الحقائق، وأنا مهتمة، من خلال هذا المشروع، بتوثيق هذا التعقيد في اللحظة الراهنة.

حصلت "حنفي"، التي تركز في أعمالها الأدبية والفنية علي استخدام اللغة والمفردات اللغوية، علي منحة من مؤسسة الصندوق العربي للثقافة والفنون لطباعة وتجهيز القاموس. وفيما يتعلق باستكمال الموارد اللازمة للسفر والبحث في المحافظات المختلفة أطلقت "حنفي" حملة لجمع التبرعات علي موقع "التمويل الجماهيري" المعروف باسم "كيك ستارتر" kickstarter.


لزيارة موقع أميرة حنفي اضغط هنا
لزيارة صفحة حملة تمويل "قاموس الثورة" علي kickstarter اضغط هنا
الموضوع نشر في جريدة المصري اليوم