7.3.13

«الفجالة».. أن تجد علاقة بين «الكتب» و«السيراميك»

أول ما تقع عليه عيناك هو ورش الأعمال اليدوية والحرفية، والمقاهى الشعبية، والبسطاء الذين يقضون وقتهم فى محاولة الحصول على رزق يعتمد فى غالبيته على البيع اليومى الذى يرتفع فى مواسم بداية الدراسة. ووسط كل هذا، يحتفظ هذا الحى بأسرار مبانيه القديمة إلى تنتمى للطراز المعمارى الأوروبى، والكنائس مختلفة الملل، والمساجد، والمعبد اليهودى الذى يقع بينه وحى باب الشعرية.

ظلت الفجالة لفترة طويلة منارة رئيسية للثقافة المصرية خاصة، حيث كانت تقع بها غالبية مطابع القاهرة وأهم دور النشر فى شارع «كامل صدقى»، «الفجالة» سابقاً. وبمرور الوقت، انقسم الشارع إلى قسمين: الأول أصبح مركزا تجاريا لبيع الأدوات المكتبية والمدرسية والكتب التعليمية الخارجية، والثانى أصبح تجمعا لمحال بيع الأدوات الصحية والسيراميك، والفاصل بينهما مقهى بلدى.


وسط انقسام الشارع إلى كتب وسيراميك، حافظت بعض مكتبات الفجالة على هويتها الثقافية، فلا تزال «مكتبة مصر»، التى أسسها «سعيد جودة السحار» عام ١٩٣٢ كدار نشر صغيرة ازداد حجمها بتأسيسه دار مصر للطباعة عام ١٩٤٨، واقفة هناك، كما تحاول «دار المعارف»، التى أنشأها «نجيب مترى» فى سنة ١٨٩٠ كمطبعة تجارية ثم أصحبت داراً للنشر، أن تذكر القراء بالكتب التى نشرتها لكبار الكتاب أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم وعبد القادر المازنى وإبراهيم ناجى، ولاتزال دار «نهضة مصر»، التى تأسست عام ١٩٣٨، تمارس دورها فى إصدار ونشر كتب الأطفال المترجمة، إلى جوار الكتب الدراسية الخارجية، كما لا تزال «المؤسسة العربية الحديثة»، التى تأسست عام ١٩٦٠ واشتهرت بنشر كتب الجيب للشباب مثل سلاسل «رجل المستحيل»، و«ملف المستقبل»، و«ما وراء الطبيعة»، و«فلاش» تمارس دورها فى تقديم مواد أدبية تناسب الشباب وتمثل لبعضهم بداية الاتصال بعالم القراءة. وبين كل هذا تجد المكتبات الدينية الإسلامية، مثل مكتبة «الجهاد الكبرى» تجاور مثيلاتها المسيحية، مثل مكتبة «أرمانيوس»، على مقربة من مطبعة «الشمرلى» التى اشتهرت بطبع المصاحف والأجندات.

مع تراجع الدور الثقافى لمكتبات ودور نشر الفجالة، ظهرت جمعية النهضة العلمية الحديثة «الجزويت» بهدف نشر الوعى والثقافة فى المنطقة، وعلى الرغم من أن الجمعية قد تأسست فى عام ١٩٩٨ إلا أنها تعد مركزا ثقافيا يقدم فنه لهؤلاء المهتمين بالفن، وظلت جمعية ثقافية مجهولة لغالبية أهالى الفجالة إلى وقت قريب، انتبهت فيه لتراث حى الفجالة وأهمية دورها فى توعية ونشر الثقافة فى هذا الحى العريق. فى عام ٢٠٠٩ بدأت «الجزويت» مشروعا بعنوان «الفجالة منورة بأهلها» قدمت فيه عروضا لفرق فنية، مسرحية وغنائية من خارج الحى مستهدفة حضور أكبر عدد من أهل الفجالة، وبالفعل نجحت فى جذب انتباه أهالى الحى. وفى ٢٠١٠، تطور المشروع بعنوان «الفجالة تحكى وتغنى» وقدمت خلاله ورش عمل فنية عديدة، «رسم»، و«حكى» قدمها أهالى الفجالة، و«إيقاعات» اشترك فيها حرفيو الحى باستخدام أدواتهم، و«فوتوغرافيا» عمل بها ٥ أشخاص من الأهالى.


فى عام ٢٠١١، صار الحكى والغناء والتصوير الفوتوغرافى داخل وخارج مقر الجزويت من خلال عرض الأنشطة ليلا على مسرح فى شارع الفجالة، وهو ما ساعد على انتشار الفكرة بين الأهالى، ومن خلال برنامج «الفجالة كمان وكمان» ملأت ٤٥٠ استمارة تعارف بين الجمعية والأهالى، ووصل المشروع إلى أهالى المربعات السكنية المحيطة بمقر الجمعية، خاصة سكان شوارع كنيسة الروم، لبنان باشا، كوم الريش، قصر اللؤلؤة، بكتر الحاجب، وأصبح الأهالى يسألون: «فى حاجة هتتعمل هناك النهاردة؟».

أحمد الهواري و إسلام عبد الوهاب
نشر هذا الموضوع في جريدة المصري اليوم