7.3.13

"ثقافة الأولتراس".. حتى "الدخلات" و"الأغانى" عمل جماعى

أصبح شعار «الفرد من أجل المجموعة، والمجموعة من أجل الفرد»، فى رواية «الفرسان الثلاثة» للكاتب الفرنسى «ألكسندر دوما»، التى صدرت عام ١٨٤٤، مصدرا لإلهام الشباب حول العالم، وشاع استخدامه كميثاق عمل بين المنتمين إلى روابط تشجيع أندية كرة القدم المعروفة باسم «الأولتراس».

تشجيع مجموعات الأولتراس حول العالم جاء انطلاقا من شعار الفرسان الثلاثة، «أتوس» و«بوتوس» و«أراميس»، فنتج عنه قناعة جماعية بعدم الظهور الإعلامى، فالمجموعة تمثل نفسها فى المدرجات حيث يمكن توصيل كل ما ترغب فيه إلى الإعلام باستخدام أشكال فنية مختلفة تشمل الأغانى واللوحات الفنية المرسومة بالأوراق الملونة على مساحات واسعة من المدرجات، والتى يطلق عليها مشجعو الكرة المصرية «الدخلة».


الالتزام بعدم الظهور الإعلامى، دفع مجموعة أولتراس «وايت نايتس» إلى طلب عدم نشر أسمائهم عندما تحدثوا مع «المصرى اليوم» عن الأعمال الفنية التى يقدمونها فى المدرجات والتى هى من أسباب نشر ثقافة الأولتراس بين الشباب.

«الدخلات» التى يقدمها أعضاء الأولتراس قبل بداية المباراة مباشرة، بحسب حديثهم، هى عمل كرنفالى يستمر لمدة زمنية تتراوح بين ثلاث وأربع دقائق، وتدور أشكاله الفنية حول فكرة تتضمن موضوعات معينة يتفق عليها أعضاء المجموعة فى اجتماعاتهم بحسب توقيت وظروف كل مباراة، وغالبا ما تكون بهدف تحفيز لاعبى الفريق الذى يقفون وراءه، أو استفزاز وإهانة لاعبى وجماهير الفريق المنافس. وكان الظهور الأول لـ«دخلة» أولتراس «وايت نايتس» على شكل «قلب» وضع بداخله «لوجو» الفريق فى مباراة الزمالك والهلال السودانى يوم ١٧ مارس ٢٠٠٧.

الأفراد الذين يقومون بإعداد هذه الدخلات من المجموعة غير محددين، فطرح الأفكار لا يقتصر على فرد بعينه، ويتم الاستقرار على الشكل النهائى للفكرة بعد طرحها للنقاش وتطويرها، ولا يشترط فى مقدم الفكرة أن تكون له علاقة بالفن أو أن يكون ممارسا له فى الأساس، ويمكن لأى فرد أن يستوحى فكرته من أى مكان أو عمل فنى باختلاف الأشكال الفنية، فقد استلهم أحد أفراد مجموعة «وايت نايتس» «دخلة» أول مباراة ديربى بين الأهلى والزمالك بقيادة حسام حسن من الفيلم الأمريكى «V for Vendetta» الذى ترددت فيه جملة «Remember, remember the ٥th of November» وترجمتها «تذكر تذكر الخامس من نوفمبر»، لكن تحولت إلى «تذكر تذكر الثامن من ديسمبر» لتناسب تاريخ المباراة، مع تصميم وجه حسام حسن ليشبه تصميم القناع الذى كان يرتديه البطل طوال فترة الفيلم، واشتهر بعدها كرمز للمقاومة.

تنفيذ «الدخلات»، فى ظل ضيق الوقت ما بين فتح أبواب الاستاد وبداية المبارة، يتطلب جهدا كبيرا فى الإعداد ومعرفة جيدة بمساحة المدرج وعدد المقاعد الموجودة فيه، الأمر الذى تتكيف معه مجموعات الأولتراس، فبعد الاستقرار على شكل «الدخلة» ينفذونها على جهاز كمبيوتر عن طريق حساب أبعاد التصميم على الجهاز وتكبيرها بنفس النسب الهندسية لمساحة المدرج وعدد المقاعد التى يحفظونها، وفى الاستاد، توزع الأوراق الملونة على الكراسى وتتولى القيادات، توجيه المجموعات فى توقيت رفع الأوراق الملونة بطريقة متفق عليها، وهو ما يظهر بصورة أكبر فى تنفيذ الأعمال التى يتم فيها تصميم أكثر من «دخلة» فى مباراة واحدة مثلما حدث فى مباراة الزمالك ووادى دجلة فى نهاية الموسم الماضى وقدم فيها الأولتراس «كشف حساب الموسم» فى ثلاثة تصميمات مختلفة.

غالبية ألحان أغانى الأولتراس هى ألحان تتغنى بها مجموعات أولتراس عالمية، وتقتبسها المجموعات من بعضها البعض، وهو أمر متفق عليه ضمنيا بين كل المجموعات حول العالم، فعلى سبيل المثال، تأخذ غالبية مجموعات الأولتراس التونسية ألحان أغانيها من مجموعات الأولتراس الأرجنتينية، وغالبا ما تؤلف هذه المجموعات أغانيها على ألحان أغان معروفة بالفعل، فعلى سبيل المثال فإن أولتراس الزمالك اعتمد على لحن أغنية مايكل جاكسون «you are not alone» أى «لست وحدك» وكتب عليها كلمات «أنصرنا يا الله.. دايما على طول معاه.. يكسب فين ما يروح.. هو الحياة والروح.. معاه لآخر الكون..العمر عشانه يهون.. زمالك اسم كبير.. والكل منه بيغير».


أغانى الأولتراس يجب أن يكون لها موضوع مؤثر ويسهل حفظها للمجموعات الكبيرة، ويتم تأليفها مثل تصميم «الدخلات»، من خلال طرح أحد الأفراد فكرة الأغنية والنقاش حولها، والمشاركة فى كتابتها وتطويرها حتى تصل إلى شكلها النهائى، فالأغانى الموجهة ضد الأمن صنعت بهذه الطريقة، خاصة مع الممارسات التى ولدت مردودا سلبياً عند أفراد مجموعات الأولتراس بعد أن فقدوا الحرية فى المدرجات، ووصل الأمر إلى اعتقالهم قبل بعض المباريات، ومنعهم من اصطحاب أى «علم أو طبلة» فى إحدى المباريات مع النادى الأهلى. وأشهر مثال أغنية أولتراس «وايت نايتس» «مش ناسيين التحرير»، فقد كانت فى البداية نسخة أولية وجهت الشتائم إلى وزارة الداخلية اعتراضا على المعاملة الأمنية السيئة من قبل الأمن تجاه المواطنين فى أيام المباريات، وطورتها المجموعة وعدلت كلماتها لتخرج بالصورة التى اشتهرت بها بعد الثورة.


أحمد الهواري ووائل عباس
الموضوع نشر في جريدة المصري اليوم بتاريخ ٧ مارس ٢٠١٣
الصورة من منتدي "شباب اليوم"