14.3.13

"ساقية الصاوى" فى ١٠ سنوات.. من "ملاك الحرية" إلى "شيطان الرقابة"

١٠ أعوام، تعرضت خلالها ساقية الصاوى من وقت لآخر لانتقادات من قبل المثقفين، وعلى الرغم من تنوع هذه الانتقادات، إلا أنها تدور فى غالبيتها حول محمد عبدالمنعم الصاوى، مؤسس الساقية ووزير الثقافة لأيام قليلة فى حكومة أحمد شفيق، والنائب السابق فى مجلس الشعب الذى كان يدافع عن سياسة الإخوان، وأسلوب إدارته للمكان وتحكمه فى المحتوى الثقافى الذى يقدمه الفنانون والمثقفون بما يشكل «انتهاكا لحرية الرأى والتعبير»، بحسب المنتقدين، وهو ما لا يتناسب مع العمل الثقافى.

ساقية الصاوي
وصلت الانتقادات إلى ذروتها، عندما أعلن عن ترشيح «الصاوى» لمنصب وزير الثقافة فى حكومة تسيير الأعمال التى شكلها الفريق أحمد شفيق بعد تنحى الرئيس المخلوع مبارك بأيام قليلة. وصبت تلك الانتقادات فى أن مؤسس المركز يمارس نوعا من الرقابة الأخلاقية على ما يعرض فى المكان، فمرة يزيل صورة من معرض فوتوغرافى، ومرة أخرى يوقف عرضا مسرحيا أثناء تقديمه ويلغى عرضه فى الأيام التالية لاعتراضه الشخصى على أحد المشاهد، ليمثل بذلك رقيبا أخلاقيا على أعمال فنية يرى المنتقدون أنها يجب ألا تخضع لأى رقابة، خاصة أنها لا تعرض فى أحد المراكز الثقافية الرسمية التى تخضع للرقابة.


هذه الانتقادات وغيرها يبدو أنها لا تشغل بال جمهور الساقية نفسه، فيقول «مختار أحمد مختار»، ٢٦ عاما، إنه مشترك فى الساقية منذ حوالى ٥ أعوام ويحضر أنشطتها ثلاثة أيام على الأقل فى الأسبوع، وإنه قرر الاشتراك بها نظرا للتنوع الكبير فى الأنشطة التى تقدمها، بدءا من حفلات موسيقى الراب، مرورا بالندوات وتوفير مكان «لطيف» لقضاء الوقت، وانتهاء بتقديم بعض الأنشطة والندوات التى لها علاقة بالدين. ويضيف «مختاره» أن حوالى ٦٠% من أعضاء الساقية يحضرون من أجل «الجو اللطيف والقعدة على النيل» فيما يأتى الباقون من أجل حضور الفعاليات التى يعلن عنها فى الجدول الشهرى.

من بين الانتقادات التى تم توجيهها إلى «الصاوى» قيامه بإزالة صورة من أحد المعارض الفوتوغرافية كان بها فتاة صغيرة ترتدى «المايوه»، وعندما أخبرت «مختار» بهذه القصة قال إن صورة طفلة صغيرة ترتدى المايوه لا يمكن اعتبارها صورة مثيرة جنسيا و«متضايقنيش على المستوى الشخصى». وربما تمت إزالة هذه الصورة من أجل الحفاظ على الصورة العامة للمكان ومنع التشكيك و«الكلام الكتير» من بعض المتشددين دينيا أو «الناس اللى مفيش وراها حاجة».

«حسن رضا» و«عمرو أحمد» و«محمد جمال»، طلاب بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة، أعضاء بالساقية، لكنهم لا يحضرون أيا من الحفلات الموسيقية أو العروض المسرحية مفضلين حضور الندوات والفعاليات «اللى ليها لازمة»، ويبرر «محمد» ذلك قائلا «لما نبقى نخلص الحاجات المهمة اللى ممكن نسمعها نبقى نسمع موسيقى ونحضر حفلات». كل الانتقادات التى وجهها المثقفون إلى «الساقية» لم تشكل فارقا مع طلاب الهندسة الثلاثة وإن طالب «حسن» إدارة المكان بإفراد مساحة فى الندوات السياسية لأصوات متعددة إلى جانب الموجودة حاليا، خاصة فى التوقيت الحالى الذى يحتاج فيه المصريون إلى سماع كل الأطياف السياسية، وزيادة الأوقات المخصصة لندوات التنمية البشرية مثل «المهارات الحياتية والتحكم فى النفس والعمل تحت ضغوط» لأنهم «مركزين أوى على الحفلات».

«مايا حسين»، ٢٥ عاما، ترى أن الساقية مكان ثقافى مهم، على الرغم من أنها لا تذهب إلى هناك إلا لحضور الحفلات الموسيقية، وتقول إن أهمية المكان تنبع من أنه يوفر مكانا لائقا للفرق الموسيقية المستقلة التى لا تمتلك أموالا كثيرة ليعرضوا عليه أعمالهم. وتضيف أن «الساقية» اعتادت أن تسمح للفرق غير المعروفة على الإطلاق بتقديم عروضها هناك، ولكنها غير متأكدة مما إذا كانت الإدارة لا تزال تتبع نفس النهج، فهى لم تكن لتسمع عن الكثير من هذه الفرق الموسيقية المستقلة لولا أنها قدمت أعمالها على مسارح الساقية لأنها تقوم بتقديمها بشكل جيد للجمهور من خلال عرض إعلانات لهذه الفرق الموسيقية ومواعيد حفلاتها فى الطرق وعلى الكبارى.

عندما أخبرت «مايا» بالانتقادات الموجهة لعمل الساقية، ومنها واقعتا إزالة الصورة وإيقاف العرض المسرحى، قالت إن هذه انتقادات موجهة لشخص الصاوى وتدخله فى الأعمال المعروضة، وهى انتقادات قد تكون صحيحة أو مخطئة، ولكن لا يمكن إسقاطها على عمل المركز الثقافى ككل لأن «الصاوى» لا يعمل بمفرده.

أسس «محمد الصاوى» الساقية، مستقيا الاسم من خماسية «الساقية» التى تعد العمل الأشهر لوالده الكاتب «عبدالمنعم الصاوى»، تحت كوبرى ١٥ مايو بشارع ٢٦ يوليو أمام سنترال الزمالك. بدأ النشاط بتنظيم الحفلات الموسيقية التى كانت تقدمها فرق موسيقى الجاز والموسيقى الغجرية والراب المستقلة، ثم بدأ عمل معارض تشكيلية وعرض أعمال نحتية ومعارض فوتوغرافية وأمسيات شعرية، ثم ندوات ثقافية وسياسية وورش عمل وورش تدريبية فى نواح ثقافية وفنية متعددة.

عن الساقية


- تأسست عام ٢٠٠٣ تحت كوبرى ١٥ مايو على مساحة ٥٠٠٠ متر مربع.
- تعمل من ٨ صباحاً حتى منتصف الليل «٧» أيام فى الأسبوع.
- يوجد بمقرها الرئيسى خمس قاعات: قاعة النهر، وقاعة الحكمة، وقاعة الكلمة، وقاعة الحديقة، وقاعة بستان النيل، بالإضافة إلى ثلاث قاعات أخرى مخصصة لعقد الاجتماعات وورش العمل والمحاضرات.
- تقدم الساقية مجموعة من ورش العمل لتدريس مبادئ الفنون والآداب بجميع مجالاتها ومستوياتها.
- يوفر «راديو الساقية» على الإنترنت تغطية لفعالياتها لمن لا يستطيعون الحضور


------- 
الموضوع نشر في جريدة المصري اليوم 
الصورة من موقع ساقية الصاوي